الأحد، 22 فبراير 2015

ضياع



في غرفة الحجز بمطار العاصمة المكسيكية، جلس حاملاً ابنته المريضة، محاولا تهدئة روع زوجته.

كانت مشاعره مزيجاً من الغضب والألم والشعور بالظلم والقهر، كان يتساءل عن الذنب الذي اقترفوه ليتم احتجازهم بهذه الطريقة .

ساعة كاملة مرت دون أن يتحدث إليهم أحد أو يوضح لهم سبب احتجازهم، ساعة كاملة مرت ولم يتبقى لهم سوى نصف الساعة على طائرتهم المغادرة إلى وجهتهم النهائية.

كانت ابنته مصابة بالسرطان وبعد رحلة علاج بمصر اقتربت من السنتين وصلوا إلى طريق مسدود، وبعد رحلة بحث طويلة لم يجدوا سوى تلك المستشفى بمدينة تيخوانا بالمكسيك التي تستخدم طرق علاج مخلتفة عن العلاج الكيمائي والإشعاعي الذي أضر أكثر مما نفع.

أكثر من 24 ساعة مرت منذ أن بدأوا رحلتهم من مطار القاهرة ولايزال بانتظارهم طائرة أخرى لمدة 4 ساعات يبدوا أنهم لن يلحقوا بها.

أفزعته فكرة ألا يلحق بالطائرة، يجب أن يبدأ كورس العلاج من صباح اليوم التالي كما هو مخطط ولذلك يجب أن يصل إلى تيخوانا قبل الصباح أو على أسوأ تقدير يصل في الصباح الباكر.

قام وأخذ يحوم في الغرفة مثل الأسد عندما يوضع في قفص للمرة الأولى، تبدلت مشاعره إلى الغضب الشديد والحنق وشعور مخزي بعجزه عن التصرف، حاول التحدث مع الجندي الواقف على الباب ولكنه لم يكن يتحدث سوى الأسبانية التي يجهلها هو.

جاءه شخص ما وبإنجليزية ركيكة جداً حاول الاستفسار منه عن سبب الزيارة، أخذ يشرح له كل شيء وأعطاه بيانات المستشقى والفندق الذي سينزل فيه وحيداً حيث ستقيم زوجته مع ابنته بالمستشفى، ولفت نظره إلى موعد الطائرة التي أوشكت على الإقلاع ولكنه لم يبد اهتماماً بالأمر وتركه وانصرف.

مرت الدقائق ثقيلة حتى حان موعد إقلاع الطائرة ليأتيه موظف أخر ويعطيه جوازات السفر ويخبرهم أنهم يمكنهم الذهاب الآن، أخبره أن طائرته قد أقلعت بالفعل وسأله عما يفعل ولكنه فيما يبدو لم يفهمه ولم يهتم.

خرجوا إلى حيث تقبع حقائبهم بانتظارهم والساعة تقترب من العاشرة مساءاً والمطار شبه خاوي حيث صادفت الليلة ليلة الكريسماس.

بعد أن سأل كل من تواجد في المطار عما يمكنه أن يفعل الآن، عرف أنه يجب عليه التوجه إلى صالة السفر الأخرى حيث كان من المفترض أن يلحق بطائرته وحيث توجد شركة الطيران الداخلي ليحاول السفر على إحدى الرحلات القادمة.

حاملين ابنتهم وحقائبهم توجها هو وزوجته إلى الصالة الأخري ليجدا مكتب الطيران قد أغلق أبوابه ولن يفتح قبل الصباح.

في صالة السفر الكبيرة، الخالية تماماً إلا منهم، وقفوا شاعرين بالضياع التام... 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق