الثلاثاء، 23 يونيو 2015

عالمي الافتراضي



لم أعد أحتمل المزيد.
لأكثر من ثلاث سنوات وأنا أعيش حبيس هذه الجدران
أقضي يومي وليلي أمام شاشة الكمبيوتر.
أغلقت الكمبيوتر فساد الغرفة ظلام تام أحبه ويحبني.
تمددت على فراشي، وأغلقت عيني
وبدأت الرحلة...
في البداية شعرت بنسمات الهواء تداعب وجهي وتتحرك بحرية بين خصلات شعري
ورائحة البحر تملأ أنفي
ثم بدأ الصوت يصبح أكثر وضوحاً
صوت حفيف أوراق الشجر والنسمات تداعبها
أصوات الطيور تنشد أنشودتها الدائمة بين الأغصان
أصوات أطفال تلهو بسعادة تأتي من بعيد
وكل هذه الأصوات مختلطة بصوت الأمواج
ثم شعرت بيدها تمسك يدي
فتحت عيناي ونظرت إليها، إنها هي
فتاة أحلامي التي لم توجد أبداً
يدها في يدي
نمشي سويا تحت الأشجار ونتوجه صوب شاطيء البحر حيث يلهو مجموعة من الأطفال بمرح وسعادة.
مشهد متكامل؛
نسمات عليلة .. أشجار جميلة .. طيور تغرد .. أطفال تلهو .. والشاطيء أمامنا
لا ضوضاء .. لا عوادم سيارات .. لا رائحة تراب
هل هذا وهم ؟
هل سأصبح أحمقاً إن اخترت الوهم بدلاً من الواقع؟
ربما. ولكني أختار الوهم 

الخميس، 11 يونيو 2015

إثارة شتوية



أخذ يرتجف بقوة من برودة الجو وتدثر بإزار من الصوف كان لزوجته الراحلة وتوجه إلى المطبخ ليعد لنفسه كوباً من الكاكاو الساخن.

كان في الخامسة والستين من عمره ولم يعد يحتمل البرد كما كان يحتمله في السابق.

ما كان يثير مرارته أنه طوال حياته كان يحلم بامتلاك بيت على الشاطيء، ولم يستطع تحقيق حلمه إلا بعد تقاعده ولم يكد ينتقل إلى البيت الجديد حتى توفت زوجته فجأة أثناء نومها لتتركه وحيدا.

ومن يومها أصبح يكره البيت ولا يرى فيه إلا العيوب.
" ماذا أفعل في هذا البيت الذي يشبه الثلاجة "
كان دائما ما يقول هذا لنفسه بصوت عالي ليبدد الصمت المقيت المحيط به من كل جانب.

انتهى من تحضير المشروب وأمسكه بكلتا يديه طلبا للدفء وتوجه إلى النافذه المطلة على الشاطيء وأزاح الستارة قليلاً وأخذ يراقب الأمطار الغزيرة والجو الملبد بالغيوم.
كان الوقت لا يزال عصرا ولكن الرؤية كانت في منتهى الصعوبة وبدا الوقت كما لو كان ليلاً لغياب الشمس تماماً وراء تكتلات من السحب الكثيفة والأمطار تنهمر بهيسترية تثير الأعصاب.

ارتجف رغما عنه، وأمسك الكوب بقوة أكثر أملا في دفء أكبر.
هم بالانصراف من أمام النافذة والتوجه إلى الفراش والتدثر بالأغطية السميكة ولكنه لمح شبحاً لشخص يتقدم نحو مياه الشاطيء.

في البداية بدا له أنه يهذي فمن المستحيل أن يتحمل إنسان هذا البرد وهذه الأمطار العنيفة، فهو يكاد يتجمد برداً وهو داخل المنزل المغلق بإحكام والمزود بنظام تدفئة لا يجديه نفعا حقيقياً.

ركز بصره في اتجاه الشبح ولكن الرؤية كانت عسيرة حقاً، فوضع نظارته المعلقة إلى صدره وأخذ يعيد النظر مرة أخرى عله ينجح في الرؤية.
وفجأة رأها بشكل أفضل.

كانت تبدو سيدة لم ينجح في معرفة سنها تستند على صخرة على بعد أمتار قليلة من المياه وتنظر أمامها بنظرة ثابتة والأمطار قد بللتها تماما وشعرها المبلل يتحرك بهيسترية نتيجة للرياح القوية.

" ماذا تفعل هذه المرأة! "
هكذا تساءل في حيرة حقيقية.

هي مجنونة على الأرجح، البرد في الخارج قد يقتلها، هل تريد الانتحار؟

هكذا كان يفكر وهو يتأملها ملياً متنقلا أمام النافذة من مكان إلى أخر محاولاً الرؤية بشكلٍ أفضل.
وبهدوء اعتدلت وتوجهت نحو المياه بثقة وأخذت تتقدم رويداً رويداً..

شعر بالفزع، وانتفض، وانسكب الكاكاو على ملابسه، ولم تعد قدماه الواهنة قادرة على حمله، فخرعلى ركبتيه وأخذ يراقبها في عجز وهي تتقدم في المياه خطوة وراء خطوة..

إلى أن اختفت تماما.