السبت، 6 مايو 2017

الشجرة



بعد ثلاث ساعات من القيادة شعر بأن عضلاته قد تيبست تمامًا ولم يعد بمقدوره الاستمرار، فنظر حوله باحثًا عن مأوى مناسب ولكن الصحراء كانت ممتدة على الجانبين إلى ما لا نهاية.

كانت الشمس في طريقها إلى المغيب فنظر نحو الغسق بافتتان طفولي، سماء برتقالية وقرص الشمس الأصفر يكاد يلامس رمال الصحراء.

ظل يتابع الغروب إلى أن فاجأته شجرة غريبة الشكل، فضغط على مكابح سيارته بقوة نتج عنها صوت صرير قوي شق هدوء المكان.

بعد أن توقفت السيارة تقهقر ليقف بمحازاة الشجرة، وبدا له المنظر ساحرًا، وقرص الشمس يختفي جزئيًا خلف الفروع العارية للشجرة.

انتهز الفرصة وترجل من السيارة، وأخذ يتمايل ويحرك عضلاته محاولًا الاسترخاء، ثم اقترب من الشجرة وأخذ يراقبها بإعجاب.

شجرة غريبة المظهر؛ لها جذع ضخم سرعان ما يتحول إلى جذعين يتباعدان كل في اتجاه، ومن كل جذع تخرج مجموعة من الفروع الجافة، التي بدورها يخرج منها فروع أصغر.

فروع جافة تمامًا، وعارية من أية أوراق، وهذا طبيعي لشجرة تقع وسط الصحراء في مكان لم يتعرف أبدًا على الماء.

الغريب هو كيف نمت تلك الشجرة من الأساس، وهل هي حية أم ميتة!

لمس بيده خشونة جذعها، ثم ما لبث أن أنصرف إلى مشهد الغروب البديع الذي أوشك على الانتهاء، واستند بظهره إلى الشجرة، حتى اختفت الشمس كليًا.

حاول أن يمط جسده مرة أخيرة استعدادًا لمواصلة القيادة، ولكن لم يستطع.

لقد التصق بالشجرة!

في البداية ظن أن الشجرة تفرز صمغًا ما فالتصق بملابسه، فالتفت لينظر خلف كتفه ولدهشته وجد أن جزءًا من مؤخرته قد اختفى داخل الشجرة.

شعر بالفزع وأخذ يحاول التخلص من الشجرة، ولكن محاولاته لم تؤتِّ بأي نتيجة، بل على العكس أخذت الشجرة تمتصه بسرعة أكبر كلما حاول التملص.

وفي النهاية أطلق صرخة فزعة، قبل أن يختفي وتزداد الفروع فرعًا جديدًا.