الجمعة، 13 يونيو 2014

حديث داخلي



ها هو يجلس في مكانه المفضل..
هناك في الظلام حيث اعتاد أن يجلس كلما أراد الخروج من دوامة التفكير الروتيني.
هناك في الظلام حيث يقبع يراقب الأضواء البعيدة.
لم تكن حالته النفسية سيئة كما هي عادته، لم يكن حزيناً، ولم يكن سعيداً كذلك.
أخذ ينظر إلى الفضاء الممتلئ بالنجوم، وفكر: إن ما ﻻ أراه في هذا الفضاء أكثر بكثير مما أراه.
استوقفته الفكرة.
نحن جميعاً لا نرى إﻻ القليل، لا نرى إﻻ القشور.
هذا البحر المتشح بالسواد والهادئ بطريقة تثير الأعصاب، ممتليء بالحياة وما هذا السواد سوى انعكاس للظلام المحيط به، وحتى في النهار يبدو أزرق اللون وما ذلك سوى انعكاس للسماء التي بدورها ليست زرقاء.
إن البشر ليسوا سوى مجموعة من الحمقى، يظنون أنهم أهم من في الكون.
يظنون أنهم أكثر من يمتلك المعرفة وأكثر الكائنات عقلاً، ولا أظن أن أرجحنا عقلاً يمكنه أن يتحمل ما لدى النملة من معرفة.
إن أبسط حشرة تمتلك من الغرائز والتكتيك ما نعجز حتى عن فهمه كما ينبغي.
لا عجب أننا ﻻ نعرف شيئاً، فنحن حتى لم نستطع اكتشاف أنفسنا، وما لا نفهمه عن أنفسنا يزيد كثيراً عما نعرف.
ما يثير السخرية حقاً عندما يخبرك أحدهم بثقة: أنا أفهمك.
من أنت أيها الأحمق حتى تدعي فهمي، أأفشل أنا عن فهمي وتنجح أنت!