الاثنين، 16 مارس 2015

اللقاء الأول




كانت الساعة تقترب من التاسعة صباحاً، ولا تزال صديقتها تغط في نوم عميق، نظرت إليها في حنق، ها هو يوم آخر من الأجازة سيضيع نصفه بسبب حب صديقتها المبالغ فيه للنوم.
تركتها نائمة وتجهزت للخروج وقبل أن تنزل تركت لها ملاحظة صغيرة لتخبرها أنها بالخارج وطلبت منها أن تتصل بها فور استيقاظها.
غادرت الفندق بعد أن سجلت اسم الفندق على تليفونها المحمول خوفاً من نسيانه ولكي تستخدمه لو أضاعت طريق العودة بمفردها.
كانت زيارتها الأولى إلى القاهرة، ولم تتعرف بعد على المدينة، لذا قررت أن تكتشف منطقة وسط المدينة حيث يقع الفندق الذي نزلت فيه مع صديقتها صبيحة اليوم السابق.
كان يومها الأول مملاً جداً، وصلوا إلى الفندق في الخامسة صباحاً، وبعد يوم كامل من الاستيقاظ قررتا النوم قليلاً، ولكن صديقتها لم تستيقظ قبل الثالثة، ولم يغادرا الفندق قبل الخامسة مساءاً.
سارا قليلا في الشوارع المحيطة بالفندق ودخلا أول مطعم وجداه ليسدا جوعهما.
بعد الأكل استمرا في المشي بغير هدى، كانت تريد الذهاب إلى المتحف المصري وتريد أن تزور الأهرامات ولكنها أشياء يجب القيام بها في الصباح وليس ليلاً، لذا استمرا في المشي حتى وجدا أنفسهم أمام نهر النيل، كان المكان مزدحماً بشكل مبالغ فيه، وتعرضتا للتحرش مرارا، خاصة أن صديقتها كانت ترتدي تنورة قصيرة بشكل مبالغ فيه.
كان انطباعها الأول عن المدينة سيئاً، فالشوارع قذرة، والقاذورات في كل مكان، والجو خانق والمكان مزدحم بعدد لا نهائي من البشر.
لذا قررت أن تتعرف على المكان بشكل أفضل، سارت بحذر مبتعدة عن الفندق، عبرت الجسر المار فوق نهر النيل وتوغلت في وسط المدينة.
مع أن الوقت لا يزال مبكراً ومن المفترض أن يكون الناس في أعمالهم ولكن الطرق كانت متخمة بالسيارات، بدأت تبتعد عن الشوارع الرئيسية مفضلة الشوارع الجانبية الأقل ازدحاماً حتى شعرت بالتعب فقررت الجلوس على المقهى الذي وجدته فجأة أمامها.
كان المقهى صغيراً وبلا رواد تقريباً في هذا الوقت المبكر، لم يكن هناك سوى شاب يجلس وحيداً ويقرأ الجريدة بتركيز وأمامه كوب ضخم من القهوة التركي، نظر إليها نظرة عابرة من فوق جريدته وهي تجلس على طاولة قريبة منه ثم عاد مجدداً لتركيزه.
جاءها النادل مبتسماً بارتباك، يبدو أنه لم يعتاد أن يأتيه رواد أجانب أو ربما من النساء، حيته بابتسامة وبلغة إنجليزية طلبت منه كوباً من القهوة التركي، ظل واقفاً وفي وجهه نظرة حيرة وعدم فهم، فقالت له بكلمات بطيئة:
- هل تتحدث الإنجليزية؟
أجابها بارتباك وبإنجليزية مهشمة تماماً:
- لا.. إنجليزي.. لا.
لم تدري ماذا تفعل وهمت بالمغادرة، نظرت إلى الشاب فوجدته يبتسم في سخرية، شعرت بالغضب وهمت بلومه ولكنها فوجئت به يتحدث مع النادل بالعربية، غادر النادل بعدها إلى داخل المقهى مبتسماً، نظرت إلى الشاب وقالت بلهجة جافة:
- ماذا قلت له ؟
أزاح الجريدة جانباً ونظر إليها ملياً، ثم ابتسم وقال: - أخبرته أن يأتيني بكوب آخر من القهوة.
فغرت فاها في دهشة وقالت بصوت خافت: - ظننتك أخبرته بما أريد!
ابتسم ابتسامة كبيرة وقال: - أنا أمزح، لقد أخبرته بالفعل أن يأتيك بالقهوة.
- حسنا، شكرا لك.
- على الرحب.
لحظات وجاءها النادل بالقهوة، أخذت ترتشفها ببطء وهي تراقب بفضول الشاب الذي عاد مجدداً ليغرق في جريدته متجاهلاً أياها تماما.
" ياله من أحمق " قالتها في رأسها مغتاظة من تجاهله أياها بهذا الشكل.
أنهت قهوتها وأعطت النادل النقود التي أشار إليها بأصابعه وغادرت على عجل..