الثلاثاء، 26 يناير 2016

بلا هدف



- سأقص عليك قصة.. ليست قصة بالمعنى الحرفي.. استمع إليها على كل حال.
- حسناً.
- هناك شخص ما، شاب في بداية الثلاثينات، متزوج ولديه أسرة.
هذا الشاب كان عاطلاً لظروف خاصة يمر بها تمنعه من العمل، وبالرغم من استمرار هذه الظروف إلا أن أحدهم جاءه بعمل، وكل ما كان عليه فعله هو الذهاب إلى مقابلة العمل.
لم يكن مقتنعاً بالعمل في هذا التوقيت بسبب ظروفه ولكنه كان بحاجة ملِحة إلى المال، فوافق على الذهاب.
كانت مقابلة العمل في مكانٍ بعيدٍ جداً عن مسكنه وفي منطقة عادة ما تكون مزدحمة والطرق المؤدية لها تكون مزدحمة هي الأخرى، خاصة في وقت المقابلة، لذا فقد تحرك من مسكنه في وقتٍ مبكر حتى لا يتأخر.
على عكس ما توقع وصل بسهولة وقبل موعده بساعة كاملة، قضاها في السير في المنطقة إضاعةً للوقت حتى حان موعد المقابلة فدلف إلى الشركة ليتفاجأ بأن صاحب الشركة الذي سيجري معه المقابلة لم يصل بعد، وعليه أن ينتظره.
ظل ينتظر وينتظر، والدقائق تمر وتمر حتى أصبحت ساعات.
نتحدث هنا عن وقت الانتظار الطويل.
حيث وجد هذا الشخص نفسه يجلس منتظراً رب العمل ولا يعرف تحديداً متى سيصل.. من الممكن أن يصل خلال دقائق أو خلال ساعات.
ينتابه الملل من الدقيقة الأولى، ويعبث بهاتفه الخلوي، وهو هاتف تقليدي لا شيء مثير يمكنك أن تفعله به، ولكنه يستمر في العبث به حتى يقوم بخطأ ما فيتوقف الجهاز عن العمل.
يستمر في الجلوس مرغماً يعد الدقائق، والملل يزداد لحظة بعد لحظة وهو لا يفعل أي شيء سوى الانتظار.
هل كان بإمكانه الانصراف؟ بالتأكيد كان يمكنه أن ينصرف متى شاء، ولكنه لم يجرأ.
صحيح هو ليس مقتنعاً بالوظيفة، والوظيفة نفسها لم تصبح له بعد، ولكنه مع ذلك ظل ينتظر.
- وماذا حدث بعدها؟
- ليس هذا هاماً. نحن نتحدث عن الانتظار بلا هدف. ماذا يفعل الإنسان عندما يجد نفسه جالساً بلا هدف في انتظار شيء ما؟
- لا شيء. يضيع الوقت بأي طريقة ممكنة.
- بالضبط.
- لازلت لا أفهم إلى ماذا ترمي من وراء هذه القصة؟
- هذا مؤسف.