الثلاثاء، 2 سبتمبر 2014

التائه 2



كان الظلام دامساً، ليلة بلا قمر وقد اقتربت الساعة من الثانية صباحاً.
كان قد ابتعد عن القطار مسافة تزيد قليلاً عن 100 متر، نظر أمامه في حيرة لعدم وجود أي بصيص من الضوء على مرمى البصر.
التفت إلى الضوء الخافت المنبعث من القطار ليجد القطار قد بدأ في الحركة. وقف متردداً بين العودة مجدداً إلى القطار أو نسيان الأمر، ثم أدرك أنه مهما فعل لن يلحق به خاصة بعد أن زادت سرعة القطار تدريجياً.
وقف يراقبه إلى أن اختفى عن نظره. أدرك فجأة صعوبة الموقف الذي تسبب به لنفسه ومشاعر الخوف تنساب رغماً عنه بين أوصاله.
عاد مسرعاً الخطى إلى قضبان القطار يلتمس أماناً زائفاً، وبدأ يقيم وضعه الحرج؛
تائه في مكان مجهول، يبدو مهجوراً تماماً بلا طعام ولا ماء ولا وسيلة اتصال.
والظلام، ظلام بكر لم ير مسبقاً سوى ضياء الشمس.
نظر في ساعته التي لم تتجاوز الثانية صباحاً بعد، والثواني تتهادى معلنة أنها ستكون ليلة طويلة، أطول مما يتخيل.
نظر حوله مرة أخرى.. لا شيء سوى القضبان الممتدة أمامه وخلفه مسافة صغيرة ثم تختفي في الظلام.
حسناً، لا مفر من المضي قدماً بجانب القضبان فليس أمامه خيار آخر.
سار بجانب القضبان خلف القطار الذي كان يستقله منذ دقائق وأشعل سيجارة آملا أن تكون المحطة التالية قريبة.
مرت ساعة عليه وهو لايزال سائراً، بدأ يشعر بالتعب، لم يعد يسيطر على تنفسه، جف حلقه، شعر بثقل الحقيبة التي يحملها على ظهره كأنها تزن طناً.
لم أعد قادراً على الاستمرار، هكذا فكر وهو يبحث عن أي مكان يمكنه أن يستريح فيه ولو قليلاً، ولكن ظل الظلام حائلاً بينه وبين رؤية أي شيء.
" لماذا لا أحمل زجاجة مياه؟ يا لي من أحمق " قالها بصوت مسموع.
وقف قليلا يلتقط أنفاسه، ثم عاود المشي لدقيقة قبل أن يقف فزعاً.
هناك في الظلام أمامه كان هناك ظل لشيء ضخم يقترب منه على مهل..
كان بعيداً ولكنه يقترب بهدوء وثقة.
تجمد في مكانه، توقف عقله عن التفكير، فقط أخذ يراقب الظل وهو يقترب.
اقترب الظل أكثر ليكتشف أنه ليس ظلا واحدا بل ظلين أحدهما أكبر من الأخر
فكر في الهرب، ولكن إلى أين؟
خلع الحقيبة عن ظهره وألقاها أرضاً وجلس إلى جوارها، يبدو أنه قد وصل إلى محطته الأخيرة.
تمدد على ظهره.. أغمض عينيه..
واستسلم للقدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق